[center]
** العجوز.. والثلج.. وصلاة الفجر ** ظهر لي مِن بعيد، يتهادى على الأرض، يحفر فيها وهو يوثق من خطواتِه كي لا يسقُط، يأخذ يمينَ الطريق تارةً، و تارةً يسارهُ، ويقف محتاراً أيّ الجانبين يسلك تارةً أخرى، حتى وصل.
كان الثلج المتجمّد قد أخذ مكانه على الأرض و أستوثق منها، وكان الهواءُ الباردُ يأكلُ مِن كلّ شيءٍ يجدهُ في طريقِهِ.
لم يعجزْ ذلك "العجوز" على أن يخرجَ لصلاةِ الفجرِ باكراً، و لم يعجزْ من أن يمدّ يديه بادئاً الوضوء بماءٍ لا يقلُّ برودةً عن برودةِ المكان، وأظنهُ أستحى مِن ربهِ أن يظلّ نائماً عَن صلاةِ الفجر، وأستحى أيضاً أن يُصلي في بيتِهِ الدافئ، ويعودَ لنومِهِ المُريح، أظنّ ذلك "العجوز" لم يعجزْ عن تطبيقِ حديثِ رسول الله (صلوات ربي وسلامه عليه): " لو علِموا ما فيهما مِن خيرٍ (أي صلاةُ الفجرِ و العشاءِ في المسجد) لأتوهُما ولو حبواً "
وعن حديثه (صلوات ربي وسلامه عليه): " ركعتي الفجر (أي السُنّة) خيرٌ مِن الدنيا و ما فيها "
وعن قوله (صلوات ربي وسلامه عليه): " من صلّى الفجرَ في جماعة فهو في ذمةِ الله ".
غير أنّ الشابَ القويّ الصلب، متحدي الصِعاب أمامَ الشباب (والفتيات إن أمكن)، قاهرُ الخطوب.. قاطعُ الدروب.. ممتطياً جوادهُ (يعني السيارة).. مرتدياً عمامته (يعني الكاسكيتة).. حاملاً سيفه (يعني الموبايل).. لم يعجزْ أن يظلّ متلحّفاً في سريره.. منغمساً في وسادتِهِ، يسألُ القليلَ مِن النومِ المريح، و لو سمعَ نداءَ الصلاة قال ربي غفورٌ رحيم، وأنا مِن طولِ السهرِ سقيم، لعلي أصلي متى ما قُمت
ولعله لايقوم... لعله لايقوم... لعله لايقوم
[/center]