تحول علامة استفهام إلى علامة حب..!
----------------------------------------------------------------------------
حاول التملص منها، فكانت كلها محاولات لم يكتب لها النجاح إذ أنها امتلكت مقومات الفشل من عدم رغبتها
(المحاولات) في النجاح، بل إنها ترى أن فشلها نجاح بحد ذاته.
كلما أزاح بوجهه عنها، تعثر بها في الاتجاه الآخر، فاستسلم لقلبه، و ترك لعقله راحة، لم يهتم بطولها، بل لم يناقش
ذلك مع نفسه.
كان معجبا بها، عندما اشتركا في عمل، استلزم أن يتعرفا على بعضهما البعض عن قرب.
بدأت العلاقة بينهما بكلام مجاملات، و سلام و وداع، لم يخرج أبدا عن حدود اللياقة، و حدود خجله المفرط أحيانا،
و عزوفه عما يمكن أن يفضح إعجابه، عما يمكن أن يكشف لها ما يكنه صدره من إعجاب.
أحيانا، تذهب الأمور بأحدهم أبعد مما يعتقد أنها ذاهبة به إليه.ذلك بالضبط ما حصل معه.كان يهرب من واقعه
ليدخله من أقرب و أوسع مداخله.
لقد كانت المجاملات في التحية، و التهرب من الوضوح في نظره إليها، جوا مناسبا لترعرع حب ، قدحت شرارته
يوم رآها تلتحف باللون البنفسجي، بخطوطه الجميلة الحالمة،كان ينظر إلى ذلك اللون و يغوص في عالم مزهر،
معتدل المناخ، يذهب فيه معها في نُـزه ، لم يود يوما أن تنتهي.أجمل فسحة هي التي تأتي على مساحة ذاكرة في
لحظة،لحظة يمكن للشخص أن يختزل فيها السعادة الزمنية و المكانية، ومساحة لا تؤمن بالحيز الجغرافي، عندما
تتحد تلك اللحظة مع الذاكرة الجميلة، فستخرج من ثناياهما السعادة المطلقة.
ذات نشوة، سألته:
-أتعتقد أننا يمكن أن نواصل تلك اللقاءات ، إنك بدأت تأخذنا بعيدا في هذا العالم الذي سُـرِقنا فيه من أنفسنا!
-دعي الأمور تتجه بنفسها نحو نهايتها.
أجاب بعدم مبالاة، كان واثقا من قلبه أنه لن يخذله، لقد اعتمد على ذلك القلب، في كثير من الأحيان، على ضخ حبه،
و على تحمله في قيادة السفن في العواصف، أصبح ربانا محنكا،يعرف متى يبحر في بحر من أمواج الحب، و متى
يغفو حين توجه إليه أسئلة لا يمتلك لها أجوبة.
بدأت حلقات حبها تقترب من عنقه ثم اتجت أسفل نحو صدره، إلى جانبه الأيسر، غرزت أظافرها هناك و شربت من
ماء زمزمه،فلم ترتو، و كان هو فرحا بحجتها إليه ، و بعطشها الذي لا يمتلك له غير دمائه.
عندما تدق باب الغرفة ، يفتح لها قلبه.و إذا أدارت المقبض أغلق القلب عليها فلم تستطع أن تجدا سبيلا لخروج لم
تطلبه.عندما تكلمه ينصت بكيانه، يصبح كله مسامع حتى لا يترك فرصة لحرف من السقوط خارج إطاره،كثيرا ما
خيم السكوت على حوارهما الصاخب بالعناق، و كثيرا ما دارت بينهما كاسات قبل صمت تبادلاها، شربا من رحيقها
من غير أن تنقص، من غير أن ينزل مستوى حرارتها عن غليان يكاد أن يطير به فوق الغيوم ليمارس هواية النزول
المظلي عله يكسب صيحة إعجاب منها.
تراكمت ملفات كثيرة في أدراج خصصت لها كي تتراكم، أزاح تراكمها عن كاهله، تركها تلج أدراج النسيان، إلا
ملفا واحدا هو قلبه الممتلئ بتلك المرأة، إنه يراجعه كل يوم قبل أن يبدأ عمله، و ينهي به مساءه قبل أن يتجه إلى
سرير النوم، و يتخلل الأحلام ينظفها من الكوابيس.
أصبحت تملأعليه دنياه، أدمنها، أدمن ضحكاتها الموسيقية، أصبح يقف يوميا عند الباب منتظرا قدومها، يتلقف
أخبارها ، يفرح كما الطفل السعيد بقدوم من يحمل له ألعابا جديدة، لم يجد الروتين مكانا في حياته منذ تعارفهما.
-متى يأتي يوم أراقصك فيه حبيبتي، أضمك إلى قلبي،أداعب كلماتك، أشم عطر الحروف من مخارجها، أنهل من
حب اشتعل ببعد المسافات؟
كثيرا ما سألها ذلك السؤال دون أن يتكلم، دون أن تسمعه، ينطق الحروف خافتة، ساكتة، يحتفظ بصوتها لنفسه، لذلك
فلم يلق الجواب، وقد لا يلقاه قبل أن يحين. هنك بعض الأسئلة التي ترد على نفسها، في الوقت المناسب دون أن
تسمح لأحد أن ينوب عنها في الإفصاح عنها، لقد حاول دائما مع نفسه أن يرد على تلك النوعية من الأسئلة، لكن
تجربته في عدم العثور عليها أنتهت به إلى الاقتناع بعدم البحث عنها، الأجوبة ستأتي وحدها، و علامات الاستفهام
ستقوم من اعوجاجها، محتفظة بما تملكه من نقاط، متحولة دائما إلى ما يعزز حبا منبعه إعجاب!!!
-ألسنا قريبين من بعضنا البعض؟
ردت عليه في إحدى الليالي. كان متأكدا من شيء واحد أن أسئلته لم تخرج من مكامنها، ولم تتحول إلى أمواج
صوتية،إنه لم يرد حتى أن يسمع ردا، كثيرا ما فضل أن يبقى متعلقا بجواب،متلهفا للقاء أحرف يود لها أن لا تبرح
حلقها.لكنها كثيرا ما تلقفت أفكاره و هي تتشكل.لقد انسجما قبل خروجهما من إطار التعارف، وجدا نفسيهما فجأة و
كأنهما التقيا مرات كثيرة.لذلك فلم تكن بحاجة إليه أن يسمعها صوته حتى تعرف ما يريد، لقد كانت بحاجة إليه فقط،
تماما كما كان هو محتاجا إليها،كانا قريبين من بعضهما كل القرب، تشابكت أحلامهما، تداخلت أحاسيسهما، التقت
أنفاسهما، تحاورت أحرفهما، لكنهما كانا بعيدين بالعوائق، و بعض الظروف التي لا ترحم.
لم يرد على الجواب( السؤال) لأنه يحمل أكثر من تأويل، فلتأت الإجابة المناسبة في وقت تختاره لنفسها!
قصه اعجبتني فنقلتها لكم